المشهد الاول
اقف يوم الجمعة كما اعتدت منذ ان تزوجت فى شرفة منزل والدى المطل على سوق المعهد الدينى بمنطقة العصافرة بمدينة الاسكندرية اراقب الناس الماضون جيئة وذهاباً تعلو وجوه بعضهم نظرات التعب والارهاق او الملل اوهى نظرات خاوية لا ترمز الى شئ ككل شئ اخر فى ذلك البلد الذى لا يعرف احد وجهته
اراقب البائعين الذين تمسكوا بالبقاء فى اماكنهم رغم ملاحقات رجال الحى والمرافق واستمع الى اصواتهم وهم ينادون على بضاعتهم التى زاد رواجها كثيراً بعد ازالة السوق
واستمتع كثيراً بمشهد المشترى وهو يفاصل البائع فى السعر واستمتع اكثر بالتعبيرات التى ترتسم على وجه البائع و .....
وفجأة تقطع المشهد وينقطع معه استمتاعى سيارة تمتلئ بالمخبرين ورجال الشرطه والحى تنشق عنها الارض وينزل منها ذلك الضابط ذو الرتبة الكبيرة يدور بعينيه فى الخراب الذى احدثه رجاله فى الفواكه والخضروات التى اصبحت فى غمضة عين تحت الاقدام واتخيله والباعه يجرون من حوله وهو على ثباته فى الوقفة والنظرة كقائد عسكرى فى وسط المعركة تفرق من حوله الاعداء
واذا بيده ترتفع مشيرة نحو ذلك الطفل الذى يحاول جاهداً ان يجذب عربته الصغيرة التى تبدو مقارنة بجسده الضئيل كجبل وكأنما هذه الاشارة وحى من السماء او هى عصا ساحر
فجأه تجمع اكثر من عشرة رجال حول الطفل وعربته وحملوها وهو متعلق بها والقوها فى سيارتهم
انشغلت بمراقبة الطفل عن باقى المشهد وهو يتوسل الى الضابط وينكب على قدميه يقبلها بلا ادنى استجابة او حتى التفاته من الضابط
ولا ادرى لماذا تخيلت ان الطفل هو الشعب الوطن انا وانت وكل من حولنا وان الضابط رمز لكل التجبر و التكبر الذى نلاقيه فى حياتنا
المشهد الثانى
اذهب الى عملى فى الصباح ولازلت ا تذكر مشهد الطفل الصغير لاجد فى مواجهتى مهمة ثقيله على النفس وهى التعامل مع اسرة امهم مصابة بمرض نقص المناعة المكتسب المعروف بين الناس بالايدز ولست ادرى هل يعلمون ام لا
واذا بأخو الحالة يخبرنى انها ماتت بالامس وانها اصيبت بذلك المرض نتيجة لنقل دم فى احدى المستشفيات الحكومية واذا بالرجل يخبرنى انه لما تحدث الى مدير تلك المستشفى وجد ان المدير يتعامل معه بلا مباله عجيبة وانهى حواره معه بجملة (لو عايزين تشتكوا اشتكوا ومش حتوصلوا لحاجة ولا حتثبتوا حاجة )
تخيلت الرجل وهو يحدث مدير المستشفى ولا ادرى لماذا الح على ذهنى مشهد الطفل والضابط